رهن المحل التجاري في الكويت
يعرف المحل التجاري بأنه مجموعة من العناصر ذات الطبيعة المادية والمعنوية والتي تتخذ فيه صفة المال المنقول ، ومن ثم فإن المحل التجاري يعد منقولاً معنوياً ذو أهمية قصوى ، إذ أن التاجر لا يمكنه أن يحتفظ بملكية المحل لنفسه ، بل يمكنه استخدامه كإحدى أدوات الائتمان وله التصرف فيه وفقاً للتصرفات القانونية كالتصرف بالبيع والإيجار والرهن ، ونشير إلي أن بيع المحل التجاري يعد من اخطر التصرفات التي يترتب عليها نقل ملكية المحل التجاري من البائع إلى ذمة المشتري ، وهو بذلك خلاف ما عليه الرهن أو الإيجار من أحكام.
وعلى ذلك فان المشرع على أن المحل التجاري يعد جزءاً من الأموال المنقولة والي يجري تخصيصها لممارسة أنشطته التجارية ، ويشتمل المحل التجاري على عناصره المعنوية كاسمه وحجم أنشطة علمائه ، فضلاً عن غيره من الأموال اللازمة لإدارة المحل واستغلاله كمسماه التجاري ، وما فيه من معدات وآلات وبضائع وحقوق الملكية التجارية والصناعية ما لم يقضي القانون بما يخالف ذلك.
وترتيباً على ذلك فقد أجاز المشرع رهن المحل التجاري وذلك دون أن يقتضي هذا حيازة الدائن المرتهن للمحل، وذلك لعلة هي عدم حرمان التاجر الراهن من استغلال محله التجاري بما يمكنه معه ممارسة أنشطته التجارية ، وهذا الأمر يعد خروجاً على القاعدة العامة المطبقة في رهن المنقول.
تعريف رهن المحل التجاري
يعرف بأنه الأجراء الذي يقوم به المدين الراهن بتقديم المحل التجاري كأداة ائتمان ضماناً له في الحصول على حقوقه واستيفائها بما يكون للدائن المرتهن حق الأولوية وحق التتبع وذلك في حالة ما إذا قام الدائن المرتهن باتخاذ الإجراءات الخاصة بالحجز التنفيذي والتي يعقبها البيع بالمزاد العلني وذلك دون أن يتمكن الدائنون سواء كانوا عاديون أو الذين يتلونهم في المرتبة من منافسته وذلك فيما يتعلق بثمن المحل التجاري ، ولما كان المحل التجاري يعد من المنقولات فانه يخضع في تطبيق أحكامه للقواعد العامة بما يعني رهن المحل التجاري رهناً حيازياً.
شروط رهن المحل التجاري
الشروط الموضوعية الخاصة برهن المحل التجاري :
الشرط الأول : شرط الملكية : إذ يجب أن يكون التاجر الراهن مالكاً للمحل التجاري محل الرهن ، سواء كان التاجر الراهن هو المدين ذاته أو كان كفيلاً عن المدين كان قد قدم محله التجاري وذلك ضماناً للوفاء بما على الدائن المكفول من التزامات لصالح الدائن، وترتيباً على ذلك لا يجوز أن يكون رهن المحل التجاري من غير مالكه.
الشرط الثاني : شرط الأهلية ومؤدي هذا الشرط أن يكون شخص الراهن ذو أهلية والأهلية المشترطة هنا هي أهلية التصرف في محله التجاري، ومن ثم إذا كان الراهن قد أصابته أي من عوارض الأهلية فان رهنه لا يجوز ،إذ لا يتصور الرهن من القاصر أو ممن به آفة عقلية كالجنون وذو الغفلة أن يتصرف في المحل التجاري بالرهن.
الشرط الثالث : شرط الرضا : ومؤدي هذا الشرط أن عقد رهن المحل التجاري يتفق من حيث طبيعته القانونية مع سائر العقود التجارية ، كما يتفق مع العقود المدينة فيما يتعلق بشرط الرضا ووجوب توافرها في العلاقة التعاقدية ، ويتم تحقق هذا الشرط من خلال توافق إرادة كلا الأطراف على نفاذ هذا التصرف .
الشرط الرابع : شرط المحل :و مؤدي هذا الشرط هو الأداء محل عقد الرهن ، والذي يلتزم المدين الراهن بأدائه للدائن أو لصالحه ويلزم في تحقق هذا الشرط مجموعة من الشروط :
- أن يكون محل عقد الرهن من الأمور الممكنة والتي تكون موجودة أو قابلة للوجود وألا يكون محل عقد الرهن مستحيلاً.
- أن يكون المحل موضوع عقد الرهن معينا أو قابلا للتعيين.
- أن يكون المحل موضوع عقد الرهن من الأمور المشروعة أو مما يجوز التعامل فيه.
الشرط الخامس : شرط السبب :
ومؤدي ذلك أن يكون عقد رهن المحل التجاري الهدف منه هو التزام المدين الراهن بالوفاء بما عليه من التزامات.
الشروط الشكلية
الرسمية:
حرص المشرع على توافر مجموعة من الشروط الشكلية وذلك لحماية الأطراف المتعاقدة وحماية الغير .
القيد:
يلزم في الاعتداد بعقد الرهن للمحل التجاري أن يكون العقد قد جري قيده بالسجل الخاص الموجود لدي المركز الوطني للسجل التجاري داخل كل مركز والذي يقع في دائرته مقر المحل التجاري موضوع عقد الرهن ، وذلك خلال مدة لا تزيد عن ثلاثون يوماً من تاريخ إبرام عقد الرهن التجاري ، وإلا ترتب على ذلك بطلان عقد الرهن التجاري ومن ثم لا يمكن الاحتجاج به في مواجهة الغير.
ونشير إلي انه إذا كان عقد الرهن التجاري قد تضمن عناصر معنوية ذات طبيعة خاصة كتلك التي تتعلق بحقوق الملكية الصناعية والتجارية ، فانه بالإضافة إلي شرط رسمية عقد الرهن وشرط قيده في السجل المخصص لذلك ، فانه يجب أن يخضع العنصر المعنوي ذو الطبيعة الخاصة للقواعد الخاصة بقيد حقوق الملكية الصناعية أو التجارية وذلك حتى يترتب عليه إنتاج آثاره تجاه الغير.
ونشير إلي أن عقد الرهن التجاري يجري قيده عقب إفراغه في محرر رسمي وقيده في السجل المعد لذلك يجري نشره في الجريدة الرسمية وفي احدي الجرائد الوطنية المتخصصة بالإعلانات القانونية ، ونشير إلي انه يجري ترتيب الدائنين المرتهنين وذلك وفق تاريخ قيودهم ، ويتساوي الدائنين المرتهنين في المرتبة إذا كانوا قيدوا رهنهم في تاريخ واحد .
موضوع رهن المحل التجاري
أن محل عقد الرهن التجاري هو المحل التجاري ، باعتباره مجموعة من الأموال المنقولة التي جري تخصيصها لممارسة النشاط التجاري ، وعلى ذلك فان المحل التجاري يجب ان يتضمن عنصري السمعة التجارية و الاتصال بالعملاء بجانب العديد من العناصر المعنوية الداخلة في مكونات المحل التجاري.
أولا : حالة تحديد العناصر التي يشملها الرهن .
لقد حدد المشرع العناصر التي يتضمنها رهن المحل التجاري ، وقد أوردها المشرع حصراً بما لا يجوز التوسع فيه سواء بالزيادة أو الإضافة عليها ، وقد اقر المشرع أحقية طرفي العقد في اختيار أي من العناصر التي يشتملها المحل التجاري محل عقد الرهن ، ونشير إلي أن هذا التحديد قد استثني منه المشرع البضائع التي تكون موجودة في محل عقد الرهن وذلك حماية للدائنين العاديين ممن تعاملوا مع التاجر الراهن بما يمكنهم من التنفيذ على تلك البضائع باعتبارها من العناصر المادية للمحل التجاري ويضمن عدم مزاحمة الدائن المرتهن لهم ، كما وان السلع وغيرها من البضائع باعتبارها من المنقولات المادية التي قد تكفل القانون بحمايتها من الناحية العملية للدائن المرتهن فإذا ما خرجت هذه البضائع من يد التاجر إلي مشتريها حسن النية كان من غير الجائز أن يمنع المشتري من حيازتها تطبيقاً لقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية.
ثانيا : حالة عدم تحديد العناصر التي يشملها الرهن .
لقد نص المشرع في قانون التجارة على انه وان لم يجري تحديد العناصر التي يشتملها عقد رهن المحل التجاري بشكل صريح وعلى نحو دقيق في العقد فان محل عقد الرهن التجاري لا يمكن أن يتناول سوي الاسم التجاري وعنوانه والحق في زبائنه وشهرته التجارية وعنوانه التجاري.
آثار رهن المحل التجاري في الكويت
إن إبرام عقد رهن المحل التجاري يفرض مجموعة من الالتزامات والحقوق ويترتب عليه العديد من الآثار التي تنقسم إلي آثار خاصة بالمدين وآثار خاصة بالدائن المرتهن ، وآثار خاصة بالغير وهو ما نستعرضهم فيما يلي :
أولا: بالنسبة للمدين الراهن:
أن عقد رهن المحل التجاري وحسبما تضمنه القانون الكويتي من قواعد لا يترتب عليه نقل حيازته أو ملكيته إلي الدائن المرتهن ، بل أن المحل التجاري يبقي في حيازة الدين وملكيته بغرض الاستفادة منه واستغلاله والاستمرار في ممارسة نشاطه ، ويترتب على هذا انه لا يجوز للدائن المرتهن أن يشرف على أعمال التاجر أو أن يتدخل في أعمال التاجر وتجارته ما لم يكن هناك اتفاق أو نصاً في عقد الرهن يقضي بخلاف ذلك.
ونشير إلي أن للمدين الراهن مجموعة من السلطات في شأن المحل التجاري موضوع عقد الرهن والتي تتمثل فيما يلي :
- للمدين الراهن أن يقوم بالتصرف في المحل التجاري أما ببيعه أو بترتيب رهون أخرى عليه شريطة إلا يترتب على ذلك الأضرار بالدائن .
- يبقي المدين ملتزماً بالحفاظ على العين محل عقد الرهن التجاري وما يتصل بها من أموال منقولة .
- يبقي المدين الراهن ملتزماً بعدم نقل المحل التجاري من موقعه إلي مكان آخر إلا بعد حصوله على موافقة الدائن المرتهن وألا كان دينه مستحقاً للأداء فوراً.
ثانيا: بالنسبة للدائن المرتهن:
يمنح عقد رهن المحل التجاري للدائن الراهن الحق في استيفاء حقه من ثمن المحل التجاري وذلك في مرتبة متقدمة على غيره من الدائنين العاديين أو الدائيين المقيدين بعده في المرتبة ، ونشير إلي أن حق الدائن لا يجب أن يكون مجزءاً إذ تضمن كافة عناصر المحل التجاري دين الدائن ولا يمكن أن يتحرر أي منها إلا بتمام وفاء المدين بدينه للدائن.
ثالثا: بالنسبة للغير:
1- بالنسبة للدائنين العاديين:
قد يلحق رهن المحل التجاري ضرراً بالدائنين العاديين لما للدائن المرتهن من حق في استيفاء حقه بشكل كامل إذا ما تم بيع المحل التجاري وذلك لمرتبته التفضيلية على غيره من سائر الدائنين العاديين حتى وان كانت حقوق هؤلاء قد نشأت قبل حقوق الدائن المرتهن .
و تطبيقاً لذلك ووفقاً لما قررته القواعد العامة فانه لا يجوز إسقاط آجال الوفاء بالديون إلا إذا كان القانون قد قرر غير ذلك ، أو كان جري الاتفاق بين طرفي عقد الرهن التجاري على عكس ذلك ، إذ أن الرهن الحيازى للمحل التجاري يخرج بطيعة الحال عن هذه القاعدة ومن ثم فان ديون الدائنين العاديين تكون مستحقة الأداء شريطة أن تكون من طبقة الديون العادية وان تكون ناشئة قبل وقوع الرهن ومستقلة عن المحل التجاري.
2- بالنسبة لمؤجر العقار:
لمؤجر العقار الذي به المحل التجاري أن يرفض تجديد عقد الإيجار ، وله الحق في المطالبة بفسخ عقد الإيجار مع المدين الراهن ، باعتبار أن هذه الحقوق من الحقوق المرتبطة بعنصر الحق في الإيجار الذي يعد من العناصر الرئيسية والمهمة التي يتكون منها المحل التجاري ، وترتيباً على ذلك فانه يجوز للمؤجر استعمال حقه في فسخ العقد أو رفض تجديده ، ولا شك أن هذا الحق يؤثر بشكل مباشر على المحل التجاري محل عقد الرهن ، لذا فقد اوجب المشرع على المؤجر أن يبلغ الدائنين في المحل التجاري المختار والمعين لكل منهم برغبته في فسخ عقد الإيجار ، ولا يصبح الفسخ نافذاً في حقهم إلا بعد مرور شهر من تاريخ إبلاغهم وذلك حتى يتسنى لكل دائن أن يستعمل حقه في طلب بيع المحل التجاري وذلك عن طريق البيع بطريق المزاد العلني.
يعد رهن المحل التجاري من أهم الأدوات والوسائل التي تضمن وتدعم الائتمان داخل المجتمع التجاري لما فيه من تشجيع للدائن المرتهن على إقراض التاجر المدين أمولاً وذلك لفترات طويلة الأجل أو قصير وفقاً لاحتياجاته ودعماً لمركزه وثقله التجاري وتنشيطاً لتجارته وللخروج من أزماته المالية التي قد يتعرض لها التاجر.
وترتيباً على ذلك فقد أجاز المشرع رهن المحل التجاري وذلك دون أن يقتضي هذا حيازة الدائن المرتهن للمحل، وذلك لعلة هي عدم حرمان التاجر الراهن من استغلال محله التجاري بما يمكنه معه ممارسة أنشطته التجارية ، وهذا الأمر يعد خروجاً على القاعدة العامة المطبقة في رهن المنقول.
خدمات أخرى :