في الحقيقة يقوم الاشخاص بإبرام العقود للحفاظ على مصالحهم وحمايتها حيث أنه يحفظ حقوقهم وإلتزاماتهم بإتيانه معبراً عن الإرادة الخاصة بأطرافه فالفرد هو أكثر دراية بمصالحه وطرق حمايتها، ومن الممكن أن ينيب عن الفرد شخصاً آخر عنه لإبرام العقد في حالة عدم إستطاعته لإبرام العقود خوفاً من ضياع حقوقه وهلاكه.
ونعني بالنيابة في التعاقد إحلال إرادة فرد ما مكان إرادة فرد آخر في تصرف معلوم جائز بأن ينصرف الأثر الخاص بهذا التصرف لإرادة الشخص الأصيل، لذلك فهي تقتصر فقط على الأمور القانونية ولا يمكن اللجوء لها في الأعمال المادية كما أنه لا يمكن النيابة في حالات حلف اليمين.
مفهوم النيابة في التعاقد
تعرف النيابة في التعاقد بأنها حلول إرادة شخص ويسمى النائب محل إرادة شخص آخر ويسمى الأصيل في توقيع عقد بإنصراف آثاره لذمة الشخص الأصيل بدلاً من الشخص النائب. .
أهمية النيابة في التعاقد
من الجانب القانوني تعتبر النيابة في التعاقد ذو أهمية كبيرة، حيث أنها أمراً ضرورياً للأشخاص العاجزين عن أن يعبروا عن إرادتهم مثل الشخص القاصر أو الغائب أو المحجور عليه، بحيث أنه لا يمكن أن أن يبرم تصرف قانوني ما بمفرده، فيقوم بهذا العمل من ينوب عنه.
الأقسام الخاصة بالنيابة العامة في التعاقد:
إن النيابة العامة في التعاقد تنقسم من حيث المصدر إلى:
- النيابة القانونية:
وهي حينما يمنح القانون لفرد معين صلاحية أن ينوب عن غيره، ومثال ذلك إنابة ولي شرعي عن أبنائه القصر، مثل الأب ووالد الأب.
- النيابة الاتفاقية:
وتكون بتعيين نائب بإرادة الشخص الاصلي مثل ما يتعلق بالوكالة.
- النيابة القضائية:
وذلك بتعيين من القاضي من ينوب عن الوصي والقيم والحارس القضائي، والذي يقوم بتحديدهم القاضي.
وحتى تتأكد النيابة لابد من أن يتحقق بها شروط ثلاثة هي:
- إتيان إرادة الفرد النائب محل إرادة الفرد الأصيل.
- أن يكون التعامل باسم الأصيل وليس بإسم الفرد النائب.
- لابد من أن تدخل إرادة النائب مع إطار النيابة العامة الموضوع.
طالع ايضا: أسباب الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى
الشروط اللازمة لكي تتحقق النيابة في التعاقد
أولاً: أن تحل إرادة النائب محل إرادة الشخص الأصيل
يشترط في الإنابة في صحة التعاقد حلول إرادة الفرد النائب كاملة موضع إرادة الشخص الأصيل، بحيث يكون الشخص النائب موضع الشخص الأصيل حينما يعبر عن الرغبة في إبرام العقد، وليس بنقل التعبير عن الشخص الأصيل في الرغبة في إبرام العقود، وهناك نكتشف الفرق بين كلاً من النائب والرسول، حيث يقوم الرسول بنقل التعبيرات الخاصة بإرادة الشخص الذي أرسله، وليس كنائباً عنه، ولهذا يعد التعاقد بين فردين عن طريق شخص رسول ليس له وجود، على عكس التعاقد الذي يحدث ما بين نائب وفرد آخر.
ثانياً: ألا يتم تجاوز عن حدودالنيابة
لابد أن يلتزم النائب بحدود النيابة فقط، فليس من حقه أن يخرج عن هذه الحدود في حالتي النيابة القانونية والإتفاقية، حتى يتم التصرف بالشكل الناسب في ذمة الشخص الأصيل، وهذا لا يلزم الشخص النائب، بحيث أنه لم يكون ملزماً بهذا أمام من يتعاقد معه، ولكن من حقه أن يطالب النائب بالتعويض عن ما لحق به من ضرر بسبب تنفيذ هذا العقد وما حدث للأصيل، ولكن لكل قاعدة شواذ ولهذه القاعدة عدة إستسناءات.
ثالثاً: قيام الشخص النائب بالعمل نيابة عن الأصيل
يشترط في النيابة أن يقوم النائب بالعمل نيابة عن الأصيل ولكن ليس لحسابه الخاص، بدون الأخذ بنيته لأن النية عبارة عن أمر بداخله، فمن الضروري إعلان التعاقد بصفته نائب في حالة عدم قيامه بهذا، حيث لا يتم إضافة نتيجة العقد إلى الشخص الأصيل، ولكن للنائب شخصياً، وهذا في حالة صعوبة إعلان الفرد المتعاقد لإبرام العقد بصفته نائباً للأصيل.
آثار النيابة بالتعاقد و ما يقصد بتعاقد الشخص مع نفسه
آثار النيابة بالتعاقد:
في حالة إبرام عقد ما عن طريق الإنابة بتوافر جميع الشروط المذكورة سابقاً، فنجد أن آثار النتائج التصرفية مباشرة في ذمة الشخص الأصيل وليس في ذمة الشخص النائب، ولذلك لابد من توضيح هذه الآثار:
آثار النيابة بالتعاقد فيما يتعلق بالأصيل
من أهم الآثار المترتبة على الإنابة هو أن التصرف المبرم بإرادة الشخص الأصيل تكون آثاره مترتبة بصورة مباشرة في ذمة الأصيل، وبدون ترتيب آثار أخرى في ذمة النائب.
ويترتب على هذا أن الحقوق التي تنتج عن العقد والإلتزامات المبرمة عن طريق الإنابة تكون في ذمة الشخص الأصيل مباشرة وليس في ذمة الشخص النائب، بدون الحاجة لإبرام عقد، وبهذا فمن حق الشخص الأصيل أن يطالب الفرد الذي تعاقد معه بصورة مباشرة بجميع الحقوق المترتبة على إبرام العقد من قبل النائب، كما يحق للمتعاقد معه مطالبته بما يترتب على العقد من حقوق والتزامات.
آثار النيابة بالنسبة للشخص النائب:
من الجانب الفني تمتاز النيابة بأن العقد يتم إبرامه بإرادة بدون أن نحتاج لأي شيء آخر، بإنشاء النائب التصرف، بدون أن يتواجد عند إتمام هذا التصرف إلى نهايته، فلا يحق للنائب أن يتمسك بما ينتج عن العقد بصفته الشخصية، لأن العقد يكون بين الشخص الأصيل والمتعاقد معه، وبذلك فلا يترتب على النائب من خلال العقد أي إلتزامات، وبهذا يتم الرجوع فقط للشخص الأصيل.
آثار النيابة بالنسبة للغير والنائب:
إن التعاقد يكون بين النائب والغير، ولكن أساس الإرتباط يكون متعلق بالشخص الأصيل، وبهذا يعد كل من الأطراف أطراف رسمية بالعقد، كما يمكن التعامل مع الشخص الأصيل كأن العقد تم إبرامه معه بشخصه، وعلى ذلك يمكن أن يطالب الشخص الأصيل بكافة حقوقه التي تنتج عن العقد بدون أن يحق له أن يراجع الشخص النائب الذي تم معه التعاقد، وذلك بإستثناء حالة أن كان الفرد ينوب عن الشخص الأصيل في التنفيذ للعقد، أو في حالة كان كفيل للأصيل، كما يحق له الرجوع للشخص النائب في حالة صدور منه أي خطأ بحقه عند إبرام العقد، ويستطيع أيضاً الرجوع للنائب عندما يصدر منه خطأ خاص بالحالات التي سبق ذكرها التي لا علاقة لها بالشخص النائب، بل تكون العلاقة مع الطرف الآخر بالعقد المبرم مع النائب.
وفي النهاية
تعد النيابة في التعاقد هي أن تحل إرادة فرد ما محل إرادة فرد آخر بإبرام عقد بإسم الشخص الأصيل ولحسابه وذلك وفقاً لما ترسمه حدود نيابته.
لا يحق للشخص النائب التصرف خارج حدود هذه النيابة المحددة من قبل الأصيل، حيث يكون التفويض في هذه الحالة قائم في الأصل على أساس عدم تجاوز الشخص النائب لما رسم من حدود لنيابته إلا في حالة سماح الشخص الأصيل بذلك فيكون التجاوز في ذلك الوقت سليم.
وتعتبر النيابة في كثير من الأحيان لازمة لما هو قادر عن أن يعبر عن إرادته فيمكن لرجل الأعمال أن يرغب في توسيع نشاطه في عدة أماكن، فيترك لغيره أمر التصرف في بعض الأمور القانونية، حيث أنه لم يكن يمتلك الوقت لمباشرة هذه التصرفات بنفسه، فيلجأ لوجود نائب عنه يتصرف قانونياً بحكم خبرته القانونية وإمتلاكه للوقت للقيام بهذا.
وفي نهاية عرض هذا البحث نستطيع أن نستخلص أن النيابة في التعاقد لها بالغ الأهمية فيما يتعلق بالحياة العملية حيث أنها تسهل للناس قضاء مصالحهم وحاجاتهم كما قد نحتاج لهذا النيابة في الظروف الطارئة وتقديم المساعدة في العديد من المجالات وخاصة إمكانية التصرف في الأموال.
طالع ايضا: التظلم الإداري من القرار التأديبي كأحد طرق الطعن في القرار التأديبي